مقدمة بعد جولة قصيرة في موقع للكتبالتقنية العربية، سررت بكثرة المادة العلمية و تنوعها مما يضفي مزيد منالأمل. إلا أن أغلب المقالات تشترك في سوء الكتابة و بعدها كل البعد عنجلب انتباه القارئ و ترغيبه في التجوال بين الأسطر و الاستفادة منالمحتوى. الغاية من هذا المقال جلب انتباه الكتّاب لضرورة الالتزامبأبجديات قواعد كتابة المقالات التقنية لتؤدي وضيفتها و لا تجعل القارئمجبرا لقراءتها لعدم توفر بديل. إن المقال التقني خطاب غير مباشر لطلبةالعلم يفترض أن يكون متكامل، متوازن و ملتزم بآداب الكتابة كالتزامنابآداب الحوار والتعامل مع الناس.
لا تختلف المقالات التقنية إختلاف كبير عن المقالات الأدبية من حيثالهيكل، حيث لا بد من مقدمة تؤطر القارئ و تعطيه فكرة عن مضمون المقال،أجزائه و التقنية التي يعتمدها. جوهر تعمل أجزائه على إيصال الفكرة بشكلتدرجي يتماشى مع مختلف مستويات القراء. و خاتمة لاستعراض ما يمكن معرفتهأيضا، نواقص المقال و غير ذلك من التفاصيل.
أحيانا نحتاج لإظافة صور أو رسوم بيانية أو ما شابه ذلك في المقال و نادراما يكون هناك ترقيم أو عنوان، و هو ما يجعل التأشير إلى الصورة المعنيةعسير ,كما لو أنها أظيفت لتتماشى فقط مع الفقرة المنتمية لها. يضفيالعنوان المزيد من التفاصيل حول الصورة حتى و إن كانت واضحة لصاحب المقالو لا تحتاج لتعليق.
كثيرا ما نجد في المقالات البرمجية صورا منفرة للقارء، حيث يضيف صاحبالمقال إطار أحمر حول مجال الكتابة و إطار أزرق حول زر التفعيل و أسهم فيكل الاتجاهات و ما شابه ذلك كما لو أن القارئ غبي أو كفيف. كما أن في بعضالمقالات و الكتب تتكاثر الصور بشكل مبالغ فيه و دون الربط بينها بشرح كافكما لو أن هذه الصور كانت عبأ ثقيلا على صاحب المقال ما فتئ و تخلص منها.
من أبرز مميزات المقالات العربية كثرة الألوان بشكل مبالغ فيه حتى تتصورأن الكاتب سيكتب في الصفحات الموالية كل حرف بلون مغاير، ضانّا أن هذاالإكثار سيضفي على المقال المزيد من الجمالية. في حين أن العكس تماما مايحدث، حيث سيركز القارئ تلقائيا على الألوان الأكثر جاذبية، و يفقد المقالتوازنه.
من سلبيات الإكثار من الألوان توتير أعصاب القارئ نظرا للحاجة لمزيد منالتركيز للفرز بينها. في حين أن استخدام اللون الأسود فقط يضفي الكثير منالجدية على المقال و يجعل التركيز موجه لمضمون المقال أكثر من شكله.
منأبرز عوائق كتابة المقالات باللغة العربية هي اللغة في حد ذاتها، حيث يخشىالكثير من المبرمجين الكتابة لإخفاء مستوى قد يخاله متدني. اللغة العربيةشبيهة بأي لغة برمجة بل تتميز عنها بإمكانية تجاهل بعض الأخطاء من قبلالقارء أو المستمع في حين أن في لغات البرمجة هناك مترجم بالمرصاد لأي خطءموجود في الشفرة.
يستخدم البعض اللغة العامية في المقالات و لكن ذلك يجعل الكثير من القراءعاجزين عن فهم بعض العبارات أو ربما أغلبها و هو ما يأدي إلى فشل هدفالمقال مهم كانت قيمة مضمونه، لذلك تبقى اللغة العربية الفصحى الأنسبلكتابة المقالات التقنية.
هو النقطة الفصل في تحديد نجاح المقال أو فشله. أو بالأحرى مدى نجاحه بما أن الإكتفاء من ناحية الكم لم يكتمل بعد.
قبل التفكير في الكتابة يجب تعلم أن تكون ثرثارا رغم أن هذه الصفة سلبيةفي سياقها العام. إلا أنها إيجابية في محور حديثنا نظرا لأن المرمجين والتقنين عادة ما يتجنبون كل ما هو شبه أدبي ويحبذون الخوض مباشرة داخلالشفرة. لكن شفرة بدون تعليقات تبقى مبهمة، و تعليقات مقتضبة تحرم مبتدئيالبرمجة من الإستفادة أيضا. لذلك لا بد من التقديم لكل جزء و ربطه بالجزءالذي يليه كي يكون هناك تدرج و إستدراج للقارئ ليصل إلى الخاتمة.
لا داعي للخوض في مواضيع نجهلها أو إدراج معلومات غير موثوق فيها، لأنه فينهاية المطاف ستكتشف و تعود سلبا على صاحب المقال. كما أن ذكر المصادرالمستخدمة يزيد من مدى مصداقية المقال و إحترام صاحبه لحقوق أصحاب المراجع.
خاتمةليس يسيرا ذكر كافة النقائص التي نراها بكثرة في المقالات و الكتبالعربية, لذلك أكتفي بالتذكير بأغلبها و الأكثرها تأثيرا سلبا علىالمضمون. علما أن هذا المقال ليس موجه فقط لإخواننا المجتهدين في نشرالعلم، بل يشمل كافة القراء ليساهم كل بما يعلم و بالقدر المستطاع واضعانصب جبينه قول الرسول صلّى الله عليه و سلم “ :
إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض، حتى النملة في حجرها وحتى الحوت، ليصلون على معلم الناس الخير. “